محمد الغزالى الضيفى محب
عدد المساهمات : 85 تاريخ التسجيل : 31/03/2011
| موضوع: التصوف فى الاسلام "لفضيلة الامام على جمعة" الأحد مايو 01, 2011 4:10 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد ناصر الحق بالحق والهادى الى صراطك المستقيم وعلى اله وصحبة وسلم.
فهذا المقال لفضيلة الامام العلامة على جمعة . بعنوان التصوف فى الاسلام _______________________
من مبادئنا التي نسير عليها: أننا نؤمن بالدين الإسلامي كله, لا أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض. وهذا مبدأ معتمد على الكتاب والسنة, ففي الكتاب: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:85].
وفي السنة: لا تضربوا القرآن بعضه ببعض (ابن أبي شيبة في المنصف, ولذلك فإننا نؤمن بالكتاب والسنة, بكل الكتاب وبكل السنة, نؤمن بالمناهج التي أرادها الله لنا, ونؤمن بمراد الله من خلقه, فإذا أردنا أن نؤصل شيئا ذهبنا إلى الكتاب وإلى السنة المشرفة, ولا نفصل بينهما, فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه, لا يوشك رجل شبعان على أريكته, يقول: عليكم بهذا القرآن, فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه, وما وجدتم فيه من حرام فحرموه.. (أبو داود في سننه والإمام أحمد في المسند).
ورأينا أن الإمام مسلما قد صدر في صحيحه حديث جبريل الذي يرويه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, والذي يقول فيه عمر رضي الله تعالى عنه: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر, لا يرى عليه أثر السفر, ولا يعرفه منا أحد, هذه الصفات جعلته مستغربا, فمن هذا الذي جاء؟ حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه, ووضع كفيه على فخذيه, أي: أنه جلس جلسة المتأدب أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وهذه كانت جلسة التلميذ أمام المعلم, وجلس يسأله عن الإسلام, وعن الإيمان, وعن الإحسان, وعن الساعة, ويجيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ثم في نهاية الحديث قال أتدري من السائل؟ فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، وقد رواه البخاري أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والمتأمل في هذا الحديث يجد أنه يلخص دين الإسلام, لما سأله جبريل عن الإسلام, قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. ولما سأله عن الإيمان, قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. ولما سأله عن الإحسان, قال: أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
هذا ملخص دين الإسلام, هناك عبادة ظاهرة, تتأكد بالأركان الخمسة, وقد قامت طائفة من أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحفظ الإسلام في أحكامه.. في تشريعه.. في فقهه.. في جهته الظاهرية التي تضبط حياة الإنسان الفرد, وحياة المجتمع, وحياة الجماعة, جهته الظاهرية التي تضبط حركة الاجتماع البشري, والتي تضبط كل الجوانب الاقتصادية والسياسية, والتي تحدد العلاقات بين الناس, وهذه الأمور كلها مضمنة في هذه الأركان الخمسة: في الشهادتين, وفي الصلاة والزكاة, والصيام, والحج, والتي تمثل هوية الإسلام, ولا يجوز لمسلم قادر واع بالغ عاقل أن يتركها.
وقام علماء يدافعون عن (العقيدة الإسلامية) ويبينون للعالمين كيفية الإيمان بالله, والإيمان باليوم الآخر, والإيمان بالتكليف والوحي, والملائكة والأنبياء والرسل, يبينون كل ذلك, ويجيبون عما خطر في بال البشر من مشكلات.. من معضلات.. من أسئلة درسوها واستوعبوها, ثم ردوا على كل أحد بلغته وبأسلوبه. في علم سمي بـ(علم الكلام) أو (التوحيد) وسمي بـ(أصول الدين), هذا العلم الجليل هو الذي يحفظ درجة الإيمان.
لكن هذا الإيمان في مجرد تصديقه وصلته بالإسلام, لا يكفي إلا بالجزء الثالث من حديث جبريل, وهو (الإحسان), فلابد علينا أن نؤمن بهذا أيضا, وهذا هو الجانب الأخلاقي, جانب القيم, يقول صلى الله عليه وآله وسلم عن نفسه: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (الحاكم في المستدرك), ويقول ربه عز وجل في شأنه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]. وهذا المقام قام السادة الصوفية عبر العصور بحمايته, وبيان هذا الطريق إلى الله, كيف تعبد ربك كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فهو يراك فالتصوف هو العلم الذي يحمي مرتبة الإحسان, فعندما ننشئ علما يبين للناس كيف يعبدون الله -سبحانه وتعالى- كأنهم يرونه, وكيف أنه في حالة الانحطاط عن هذه الرتبة العلية: كأنك تراه, فإنه يراك, كيف يراقبون الله -سبحانه وتعالى- وما ملامح هذه الطريق التي توصل إلى الله, وفي كل ذلك يعتمدون على الكتاب والسنة, يقول سيد الطائفة الجنيد: طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.
عندما سمى العلماء ما قاموا به في حماية مرتبة الإسلام بـ(علم الفقه), وسموا ما قاموا به من مجهود في مجال بيان وحماية العقيدة الإسلامية بـ(علم العقيدة) أو (علم التوحيد) أو (علم أصول الدين) أو (علم الكلام), كانت هذه الأسماء لم ترد على ألسنة الصحابة الكرام مباشرة, وإنما كانت أسماء حادثة, وكانت الصحابة تجمع بين كل ذلك من غير عناء, كانوا من أهل اللغة, يفهمون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وفوق كل ذلك فقد تربوا في مدرسة النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يربي بالنظرة, ينظر إلى أحدهم فيربيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة__________________________
عدل سابقا من قبل محمد الغزالى الضيفى في الأحد مايو 01, 2011 5:26 pm عدل 3 مرات | |
|